الملخص:
بداية من سبتمبر 2022 فشلت المفاوضات التي استمرت عقد من الزمان بين مصر وإثيوبيا والسودان حول ملء وتشغيل سد النهضة في تحقيق أي نتائج ملموسة. ويعتبر سد النهضة أضخم سد في القارة بسعة قدرها 74 مليار متر مكعب، وهو قادر على توليد 6000 ميجاوات تقريبا من الكهرباء، ما يفي باحتياجات إثيوبيا لأغراض الاستهلاك المحلي والتصديري. والأهم بالنسبة لمصر والسودان هو أن هذا السد بمقدوره إعاقة تدفقات المياه لدولتي المصب.
اتسمت المفاوضات طوال العشر سنوات الماضية بانعدام الثقة بين الأطراف المعنية؛ فبينما اتهمت إثيوبيا مصر والسودان برغبتهما في الحفاظ على معاهدات استعمارية، اتهمت مصر والسودان بدورهما إثيوبيا بالتعنت في موقفها التفاوضي والمماطلة في المفاوضات إلى أن أصبح السد أمرا واقعا. وعمل تصاعد الخطاب القومي بين شعوب الدول الثلاث على تفاقم خطورة الأمر.
في هذا الإطار، يستعرض هذا الجزء من الدراسة مسار المفاوضات حول ملء وتشغيل السد وتداعياته، كما يلقي الضوء على النقاط الشائكة التي شهدتها المفاوضات؛ ورغبة مصر والسودان في إبرام اتفاق ملزم قانونا وإنشاء آلية لحل أي نزاع محتمل نظرا للتاريخ السابق للسدود الكهرومائية التي أقامتها إثيوبيا من قبل والاعتبارات الجيوسياسية للجوانب الإقليمية العابرة للحدود، وهما المطلبان اللذان ترفضهما إثيوبيا.
كما يناقش هذا الجزء العوامل والضغوط الخارجية على المفاوضات ومن بينها دور الاضطرابات السياسية داخل إثيوبيا، وتأثير مختلف اللاعبين الدوليين، وكيف أن هذه القضية تثير مخاوف جيوسياسية كبرى. وأخيرا، تسعى الدراسة إلى استكشاف احتماليات التوصل إلى مصالحة في المستقبل، إن وجدت.